بسم الله خالق الأكوان المبدع المنشئ السحاب الثقال والصلاة والسلام على خير الورى أما بعد:
🔸ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟*
✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:*
*"أما معنى شهادة أن محمداً رسول الله،* فهو الإقرار باللسان، والإيمان بالقلب، بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله -عز وجل- إلى جميع الخلق، من الجن والإنس، كما قال الله -تعالى-: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨]، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: ١].*↩️ومقتضى هذه الشهادة:* أن تصدق رسول الله -ﷺ- فيما أخبر، وأن تمتثل أمره فيما أمر، وأن تجتنب ما عنه نهى وزجر، وألا تعبد الله إلا بما شرع. *↩️ومقتضى هذه الشهادة أيضاً:* ألا تعتقد أن لرسول الله -ﷺ- حقاً من الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة، بل هو -ﷺ- عبدٌ لا يعبد، ورسولٌ لا يكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع والضر إلا ما شاء الله، كما قال الله -تعالى-: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: ٥٠].•فهو عبدٌ مأمورٌ يتبع ما أمر به، وقال الله -تعالى-: {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} [الجن: ٢١-٢٢]، وقال الله -تعالى-: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ١٨٨]، فذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.🔸وبهذا المعنى نعلم أنه لا يستحق العبادة لا رسول الله -ﷺ-* ولا من دونه من المخلوقين، وأن العبادة ليست إلا لله -تعالى- وحده، وأن رسول الله -ﷺ- حقه أن ننزله المنزلة التي أنزله الله -تعالى-، وهو أنه عبد الله ورسوله".📚[فقه العيادات (ص: مــا هــي شـروط لا إلـــه إلا الـــلـــه؟**✍🏻قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-:*
"ولها شروطٌ،* وهي: العلم بمعناها واليقين، وعدم الشك بصحتها، والإخلاص لله في ذلك وحده، والصدق بقلبه ولسانه، والمحبة لما دلت عليه من الإخلاص لله وقبول ذلك، والانقياد له، وتوحيده، ونبذ الشرك به مع البراءة من عبادة غيره واعتقاد بطلانها، وكل هذا من شرائط قول لا إله إلا الله وصحة معناها، يقولها المؤمن والمؤمنة مع البراءة من عبادة غير الله، ومع الانقياد للحق وقبوله، والمحبة لله وتوحيده، والإخلاص له وعدم الشك في معناها.
*⏪ فإن بعض الناس يقولها وليس مؤمنًا بها،* كالمنافقين الذين يقولونها وعندهم شكٌّ أو تكذيبٌ، فلابدّ من علمٍ ويقينٍ وصدقٍ وإخلاصٍ ومحبةٍ وانقيادٍ وقبولٍ وبراءةٍ، وقد جمع بعضهم شروطها في بيتين فقال:
علم يقين وإخلاص وصدقك مع
••محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما
••سوى الإله من الأشياء قد أُلِها
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه". 📚[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (٤٩/٣)]*🔸 مــــا هـــو مـــفــهــوم الإيــمـــان؟*✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:**"الإيمان له مفهومان:* مفهوم لغوي، وهو الإقرار بالشيء والتصديق به، ومفهوم شرعي، وهو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فلا يكفي في الشرع أن يقرّ الإنسان بما يجب الإيمان به حتى يكون قابلاً ومذعناً، فمثلاً: لو أقر الإنسان بأن محمداً رسول الله -ﷺ-، وعرف أنه رسول الله، لكن لم يقبل ما جاء به، ولم يذعن لأمره، فإنه ليس بمؤمن. 🔸ولهذا يوجد من المشركين من اعترفوا، وأقرّوا للنبي -ﷺ- بالرسالة،* لكنهم لم ينقادوا له ولم يذعنوا، بل بقوا على دين قومهم، فلم ينفعهم هذا الإقرار المجرّد عن القبول والإذعان. *•فالإيمان في الشرع أخصّ من الإيمان في اللغة،* وقد يكون الإيمان في الشرع أعم من الإيمان في اللغة، فالصلاة مثلاً من الإيمان شرعاً، كما قال الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم إلى بيت المقدس، لكنها في اللغة لا تسمى إيماناً، لأنها عملٌ ظاهرٌ، والإيمان في اللغة من الأمور الباطنة.⏪ إذن فإذا أردنا أن نعرف الإيمان الشرعي نقول فيه:* هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فإن لم يكن مستلزماً لذلك فليس بإيمان شرعاً".*📚[فقه العبادات (ص: ٢٧)🔸مـــا هـــي أركـــان الإيـــمـــان؟*✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:*
"والأركان التي بيّنها الرسول -عليه الصلاة والسلام- ستةٌ كما هي معلومةٌ، قال -عليه الصلاة والسلام- في جوابه لجبريل: «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»، ونتكلم على هذه الأركان الستة لأهميتها*✅أمــا الإيـــمــــان بالـــلـــه:*
*فإنه يتضمن أربعة أمورٍ:* الإيمان بوجوده، والإيمان بربويته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته.🔸أما الإيمان بوجوده:* فهو الإقرار التام بأن الله -سبحانه وتعالى- موجودٌ، ولم يفه أحدٌ بإنكار وجود الله -عز وجل- إلا على سبيل المكابرة، وإلا فإن كل عاقلٍ لا يمكنه أن يدّعي بأن هذا الكون خلق أو جاء صدفةً، أو جاء من غير موجدٍ، لأن هذا ممتنعٌ باتفاق العقلاء، فالإيمان بوجوده أو بعبارة أصح وجود الله -عز وجل- دلت عليه جميع الأدلة، العقلية، والفطرية، والحسية، والشرعية، هذه الأشياء الأربعة كلها دلت على وجود الله عز وجل.▪️أما الدليل العقلي:* فإننا نشاهد هذا الكون في وجوده، وفيما يحدث فيه من أمور لا يمكن أن يقدر عليها أحد من المخلوقين، وجود هذا الكون، السموات والأرض وما فيهما، من النجوم، والجبال، والأنهار، والأشجار، والناطق، والبهيم، وغير ذلك، من أين حصل هذا الوجود؟ هل حصل هذا صدفةً؟ أو حصل بغير موجدٍ؟ أو أن هذا الوجود أوجد نفسه؟ هذه ثلاثة احتمالاتٍ لا يقبل العقل شيئاً رابعاً، وكلها باطلةٌ إلا الاحتمال الرابع، الذي هو الحق*•فأما كونها وجدت صدفةً فهذا أمرٌ ينكره العقل وينكره الواقع،* لأن مثل هذه المخلوقات العظيمة لا يمكنك أنت أن توجدها هكذا صدفةً، كل أثرٍ لابدّ له من مؤثرٍ، وكون هذه المخلوقات العظيمة بهذا النظام البديع المتناسق، الذي لا يتعارض، ولا يتصادم، لا يمكن أن يكون صدفةً، لأن الغالب فيما وقع صدفةً، أن تكون تغيراته غير منتظمةً، لأنه كله صدفة.•وأما كون هذا الوجود أوجد نفسه،* فظاهر الاستحالة أيضاً، لأن هذا الوجود قبل أن يوجد ليس بشيءٍ، بل هو عدمٌ، والعدم لا يمكن أن يوجد معدوماً.
•وأما كونه وجد من غير موجدٍ فهو بمعنى قولنا إنه وجد صدفةً، وهذا كما سبق مستحيل.⏪ بقي أن نقول:* إنه وجد بموجدٍ وهو الله -عز وجل-، كما قال الله -تعالى-: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} [الطور: ٣٥-٣٦]، إذا فهذا الكون دل عقلاً على وجود الله عز وجل.▪️وأما دلالة الفطرة:* على وجود الله فأظهر من أن تحتاج إلى دليلٍ، لأن الإنسان بفطرته يؤمن بربه، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، ولهذا لو وقع على أي إنسانٍ في الدنيا شيءٌ بغتةً وهذا الشيء مهلكٌ له، لكان يقول بلسانه من غير أن يشعر: يا الله، أو يا رب، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على أن الغريزة الفطرية جبلت على الإيمان بوجود الله عز وجل.وأما دلالة الحس على وجود الله،* فما أكثر ما نسمع من إجابة الله -تعالى- للدعاء، ومن إجابة الدعاء للإنسان نفسه، كم من إنسان دعا الله وقال: يا رب، فرأى الإجابة نصب عينه، ففي القرآن أمثلةٌ كثيرةٌ من هذا مثل قوله -تعالى-: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: ٨٣-٨٤]، وفي السّنة أمثلةٌ كثيرة أيضاً...
وكم من دعاءٍ دعا به الإنسان ربه فوجد الإجابة، وهذا دليلٌ حسّيٌ على وجود الله عز وجل.أما الدليل الشرعي:* فأكثر من أن يُحْصر، كل القرآن، وكل ما ثبت عن النبي -ﷺ- من الأحاديث الحكمية والخبرية، فإنه دالٌ على وجود الله -عز وجل-، كما قال الله -تعالى- في القرآن العظيم: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: ٨٢]، هذا أحد ما يتضمنه الإيمان بالله وهو الإيمان بوجوده.
•أما الإيمان بربويته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، فقد سبق القول المفصل فيها، حين تكلمنا على أنواع التوحيد الثلاثة".
*📚[فقه العبادات (ص: ٢٨-٢٩-٣٠-٣١)].
🟠#سلسلة_فتاوى_عقدية(١٤).
*🔸مــــن هـــــم الـــمـــلائــكـــة؟*
*✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:*
*"أما الإيمان بالملائكة وهم عالم الغيب خلقهم الله -عز وجل-* من نورٍ، وجعلهم طوع أمره {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠]، {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، وهم على أصنافٍ متعددةٍ، في أعمالهم، ووظائفهم، ومراتبهم.
*↩️ فجبريل -عليه الصلاة والسلام-* موكلٌ بالوحي، ينزل بوحي الله -تعالى- على رسل الله، كما قال الله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٣-١٩٥]، وقال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: ١٠٢]، وقد رآه النبي -ﷺ- على صورته التي خلق عليها مرتين، رآه مرة على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق.
*🔸وميكائيل أحد الملائكة العظام،وقد وكله الله -عز وجل-* بالقطر والنبات، القطر: المطر، والنبات: نبات الأرض من المطر.
*🔸وإسرافيل من الملائكة العظام، وقد وكله الله -عز وجل-* بالنفخ في الصور، وهو أيضاً أحد حملة العرش العظيم، وهؤلاء الثلاثة كان النبي -ﷺ- يذكرهم في استفتاح صلاة الليل، يقول -ﷺ- في استفتاح صلاة الليل: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
•وذكر هؤلاء الثلاثة لأن كل واحدٌ منهم موكلٌ بما يتضمن الحياة، والبعث من النوم يعتبر حياة، فهؤلاء الثلاثة هم أفضل الملائكة فيما نعلم.
*🔸ومنهم ملك الموت الموكل بقبض أرواح الأحياء،* ومنهم ملكان موكلان بالإنسان يحفظان أعماله، عن اليمين وعن الشمال قعيدٌ، ومنهم ملائكةٌ موكلون بتتبع حلق الذكر، ومن أراد المزيد من ذلك فليراجع ما كه أهل العلم في هذا".📚[فقه العبادات (ص: ٣٣-٣٤)🔸كـــيـــف نـــؤمـــن بالــمـــلائــكــة؟*✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:**"بقي من الركن الثاني وهو الإيمان بالملائكة أن الإيمان بالملائكة -عليهم الصلاة والسلام-* يكون إجمالاً ويكون تفصيلاً، فما علمناه بعينه وجب علينا أن نؤمن به بعينه ونفصل، نقول: نؤمن بالله، نؤمن بجبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، ومالك خازن النار، وما أشبه ذلك.🔸وما لم نعلمه بعينه فإننا نؤمن به إجمالاً، فنؤمن بالملائكة على سبيل العموم،* والملائكة عددٌ كبيرٌ لا يحصيهم إلا الله -عز وجل-، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «البيت المعمور الذي في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم»، وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أنه: «ما من موضع أربع أصابع في السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد»، ولكننا لا نعلم أعيانهم ووظائفهم وأعمالهم إلا ما جاء به الشرع، فما جاء به الشرع على وجه التّفصيل، من أحوالهم وأعمالهم ووظائفهم، وجب علينا أن نؤمن به على سبيل التّفصيل، وما لم يأت على سبيل التفصيل، فإننا نؤمن به إجمالاً.🔸وهؤلاء الملائكة الذين لهم من القدرة والقوة ما ليس للبشر من آيات الله -عز وجل-،* فيكون في الإيمان بهم إيمانٌ بالله -سبحانه وتعالى- وبقدرته العظيمة، وعلينا أن نحب هؤلاء الملائكة، لأنهم مؤمنون، ولأنهم قائمون بأمر الله -عز وجل-، ومن كان عدواً لأحدٍ منهم، فإنه كافرٌ، كما قال الله -تعالى-: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٩٨]، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [البقرة: ٩٧].
•فالمهم أن هؤلاء الملائكة -عليهم الصلاة والسلام- علينا أن نحبهم، لأنهم عباد لله -تعالى-، قائمون بأمره، وأن لا نعادي أحداً منهم". 📚[فقه العبادات (ص: ٣٥-٣٦)🔸ما هو الركن الثالث من أركان الإيمان؟*✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:*
"الركن الثالث هو الإيمان بكتب الله -عز وجل-*، كتب الله التي أنزلها على رسله -عليهم الصلاة والسلام-، فإن ظاهر القرآن يدل على أنه ما من رسولٍ إلا وأنزل الله معه كتاباً، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥]، وقال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: ٢١٣].🔸وهذه الكتب طريق الإيمان بها أن نؤمن بها إجمالاً،* وما علمناه بعينه نؤمن به بعينه، فالتوارة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى والقرآن الكريم، هذه معلومة لنا بعينها، فنؤمن بها بعينها وما عدا ذلك نؤمن به إجمالاً، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولكن كيف نؤمن بهذه الكتب؟ *⏪ نقول: ما صح نقله منها إلينا من الأخبار وجب علينا تصديقه بكل حال،* لأنه من عند الله، وأما أحكامه، أي ما تضمنته هذه الكتب من الأحكام، فلا يلزمنا العمل إلا بما جاء في القرآن الكريم، وأما ما نقل إلينا منها ولم نعلم صحته، فإننا نتوقف فيه حتى يتبين لنا صحته، لأن هذه الكتب دخلها التحريف، والتبديل، والتغير والزيادة والنقص".
*📚[فقه العبادات(ص:٣٧(]🔸كيف يكون الإيمان بالركن الرابع من أركان الإيمان، الذي هو الإيمان بالرسل؟**✍🏻قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:**"الإيمان بالرسل -عليهم الصلاة والسلام-* يكون بأن نؤمن بأن الله -سبحانه وتعالى- أرسل إلى البشر رسلاً منهم، يتلون عليهم آيات الله ويزكونهم، وأن هؤلاء الرسل أولهم نوح -عليه الصلاة والسلام-، وآخرهم محمد -ﷺ-، وأما قبل نوح فلم يبعث رسول، وبهذا نعلم خطأ المؤرخين الذين قالوا: إن إدريس -عليه الصلاة والسلام- كان قبل نوحٍ، لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: ١٦٣]، وفي الحديث الصحيح في قصة الشفاعة: أن الناس يأتون إلى نوحٍ فيقولون له: أنت أول رسولٍ أرسله الله إلى أهل الأرض، فلا رسول قبل نوحٍ، ولا رسول بعد محمدٍ -ﷺ-، لقول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠]. 🔸فأما نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان فإنه لا ينزل على أنه رسول مجدد،* بل ينزل على أنه حاكم بشريعة محمد -ﷺ-، لأن الواجب على عيسى وعلى غيره من الأنبياء الإيمان بمحمد -ﷺ-، كما قال الله -تعالى-: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٨١]. وهذا الرسول المصدق لما معهم هو محمد -ﷺ-، كما صح ذلك عن ابن عباس وغيره. .فالمهم أن نؤمن بالرسل على هذا الوجه، بأن أولهم نوح وآخرهم محمد -ﷺ-، وكيفية الإيمان بهم: أن ما جاء من أخبارهم وصحّ عنهم نؤمن به ونصدق، لأنه من عند الله -عز وجل-، وأما الأحكام فلا يلزمنا اتباع شيءٍ منها، إلا ما جاء به محمد -ﷺ- وما اقتضته شريعته.⏪ أما بالنسبة لأعيان هؤلاء الرسل، فمن سمّاه الله لنا،* أو سمّاه رسوله -ﷺ-، وجب علينا الإيمان به بعينه، وما لم يسمّ فإننا نؤمن به على سبيل الإجمال، كما قلنا ذلك في الكتب وفي الملائكة". 📚[فقه العبادات (ص: ٣٨-٣٩)]