العقيدة الصحيحة شرح

                     •• بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ••      

شرح عقيدة أهل السنة والجماعة

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَالمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، بَـلَّـغَ الـرِّسَالَـةَ، وَأَدَّى الأَمَانَـةَ، وَنَصَحَ الأُمَّـةَ، وَجَاهَـدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، فَأَكْمَلَ اللهُ بِهِ الـدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ، وَأَوْجَبَ عَلَى الخَلْقِ طَاعَتَهُ وَاتِّبَاعَهُ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ مَحَبَّتَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَوَالِدَيْهِمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَالنَّاسَ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَـعْـدُ: سَنَتَنَاوَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ مَوْضُوعًا يَهُمُّ كُـلَّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، أَلَا وَهُـوَ [الـعَـقِـيـدَة]، فَهِيَ الأَسَاسُ المُصَحِّـحُ لِجَمِيـعِ الأَعْمَالِ، فَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُبْنَـىٰ عَلَىٰ عَـقِيـدَةٍ سَلِيمَـةٍ؛ فَـإِنَّـهُ مَـرْدُودٌ عَلَىٰ صَاحِبِـهِ مَهْمَـا أَتْعَـبَ نَفْسَـهُ، وَمَهْمَـا أَفْنَـىٰ حَيَاتَـهُ فِيهِ.

❍ وَالـعَـقِــيــدَةُ: هِـيَ أَسَاسُ الـدِّينِ، وَخُلَاصَةُ دَعْـوَةِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَىٰ آخِرِهِمْ، كَمَا يُسْأَلُ عَنْهَا العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الأَثَـرِ:«كَلِمَتَانِ يُسْأَلُ عَنْهُمَا الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ؟» 

هَـاتَـانِ الكَـلِمَـتَانِ؛ يُسْـأَلُ عَنْـهُمَـا كُـلُّ مَخْلُـوقٍ يَـوْمَ القِيَامَـةِ.

↫ وَجَــوَابُ الْأُولَـىٰ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَــٰه إِلَّا اللهُ، وَجَــوَابُ الثَّانِيَـةِ: شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ﷺ قَــوْلًا وَعَـمَــلا.

للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالي 

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

➢ الـعَــقِــيــدَةُ الـصَّـحِيـحَـةُ الـثَّـابِـتَـةُ:

العَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ: هِيَ الَّتِي جَــاءَ بِـهَـا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَدَعَـا إِلَيْهَا، وَقَدْ بَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّ الأُمَّـةَ سَتَفْتَرِقُ مِنْ بَـعْـدِهِ عَلَىٰ ثَـلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِـرْقَـةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:«مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» [ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، الحَدِيث: ٢٦٤١ ]. 

• فَمَنْ وَافَـقَ اعْتِقَادُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ وَأَصْحَابُهُ مِنَ المُـعْـتَـقَــدَاتِ، فَـإِنَّـهُ يَنْجُو مِنْ عَـذَابِ اللهِ وَيـدْخـلُ الجَنَّـة؛ لِـذَا سُمِّيتِ الفِرقَةُ المُلْتَزِمَةُ بِهَذِهِ العَقِيدَةِ وَالثَّابِتَةِ عَلَيْهَا بِالفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ.

↫ وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهَا بِهَذَا الِاسْمِ: يَرْجِعُ إِلَىٰ كَوْنِهَا النَّاجِيَة مِنْ عَـذَابِ اللهِ، وَذَلِكَ مِنْ بَيْنِ ثَـلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِـرْقَـة، أَمَّـا الـفِـرَقُ البَاقِيَةُ فَهِيَ فِي النَّارِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ.

☜ إِذَنْ فَالفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ: هِيَ أَهْــلُ الـسُّـنَّــةِ وَالـجَـمَـاعَــةِ فِي كُـلِّ زَمَـانٍ، بِـدَايَـةً مِنَ الرَّسُولِ ﷺ وَصَحَابَتِهِ، وَنِـهَـايَـةً بِآخِـرِ هَـذِهِ الأُمَّـةِ المُحَمَّدِيَّةِ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، كَمَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ أَمْـرُ اللهِ وَهُمْ عَلَىٰ ذَلِكَ» [ رَوَاهُ البُخَارِيُّ: ١\٢٥ - ٢٦، وَمُسْلِمٌ الحَدِيث: ١٩٢٠، وَاللَّفْظُ لَهُ ]

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ الـحَـقُّ وَاحِــدٌ لَا يَــتَــجَــزَّأ:

نَعَمْ، تَعَدَّدَتِ الفِرَقُ، وَتَعَدَّدَتِ النِّحَلُ وَالمَذَاهِبُ، وَتَعَدَّدَتِ الأَقْوَالُ، وَلَكِنَّ الحَقَّ - دَائِمًا وَأَبَدًا - وَاحِـدٌ لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَشَعَّبُ، وَهَـذَا دَيْـدَنُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَـالَ جَـلَّ وَعَـلَا:﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾.

▪️ وَصِــرَاطُ اللهِ: هُـوَ الَّـذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَـهُ ﷺ، وَسَـارَ عَلَيْهِ صَحَابَتُهُ الكِرَامُ، وَالقُرُونُ المُفَضَّلَةِ، وَمَنِ اقْتَفَىٰ أَثَـرَهُـمْ مِنْ مُتَأَخِّرِي هَـذِهِ الأُمَّـةِ إِلَىٰ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، ذَلِـكُـمْ هُــوَ صِـرَاطُ اللهِ، أَمَّـا مَـا خَـالَـفَ هَـذَا الصِّرَاطَ وَاخْتَلَـفَ عَنْـهُ؛ فَـإِنَّـهَـا سُــبُــلٌ، وَقَدْ خَـطَّ النَّبِيُّ ﷺ خَطًّا مُسْتَقِيمًا، وَخَطَّ عَلَىٰ جَنْبَيْهِ خُطُوطًا مُتَعَرِّجَةً، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ الخَـطِّ المُسْتَقِيمِ:«هَــذَا سَـبِـيـلُ اللهِ» وَقَـالَ عَنِ الخُطُوطِ الجَانِبِيَّةِ المُتَفَرِّقَةِ:«وَهَــذِهِ سُـبُـلٌ، عَلَىٰ كُـلِّ سَـبِـيـلٍ مِـنْـهَـا شَـيْـطَـانٌ يَـدْعُـو إِلَـيْـهِ» [ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ، الحَدِيث:٢٠٨، وَابْنُ مَاجَه، الحَدِيث: ١١ ].

☜ فَهَذَا بَيَانٌ إِيضَاحِي مِنَ الرَّسُولِ ﷺ لِمَعْنَىٰ هَـذِهِ الآيَـةِ الكَرِيمَةِ:﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ﴾، إِذَنْ فَأَصْحَـابُ العَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ، وَأَصْحَـابُ النَّجَاةِ مِنَ الضَّلَالَـةِ وَمِنَ النَّارِ وَمِنَ الأَهْـوَاءِ، هُـمْ جَمَاعَـةٌ وَاحِـدَةٌ، هُـمْ أَهْـلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهُمْ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ، وَرَزَقَنَا السَّيْرَ عَلَىٰ نَهْجِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ أَنْ نَلْقَاهُ.

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ مَـنْــزِلَــةُ الـطَّـائِـعِـيـنَ لِلهِ وَرَسُـولِــهِ:

أَهْـلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ قَدْ يَقِلُّونَ فِي بَعْضِ الأَزْمَـانِ، وَقَدْ يَكْثُرُونَ، وَقَدْ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ إِلَّا عَـدَدٌ قَلِيلٌ، لَكِنْ فِيهِمُ البَرَكَةُ وَالخَيْرُ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَمَنْ كَانَ عَلَى الحَقِّ فَـإِنَّـهُ لَا يَخَافُ مِنَ القِلَّةِ، وَلَا يَخْشَىٰ مِنْ كَثْرَةِ الأَعْــدَاءِ.

۞ قَالَ اللهُ تَعَالَىٰ:﴿وَمَن یُطِعِ ٱللهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤئِـكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَۚ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰۤئِـكَ رَفِیقࣰا﴾، فَمَنْ كَانَ رِفْقَتهُ هَــؤُلَاءِ الَّـذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَمِمَّ يَخَافُ إِذَنْ؟.

➢ الـصَّـابِــرُونَ ابْـتِـغَــاءَ مَـرْضَــاةِ اللهِ:

لَكِنْ هَـذَا يَحْتَاجُ مِنَ العَبْدِ أَنْ يَكُونَ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ وَعِلْمٍ وَبَحْثٍ عَنْ سَبِيلِ هَـؤُلَاءِ، وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ، وَتَحَمُّـلِ أَذَى مَنْ خَالَفَه، فَالصَّابِرُ عَلَىٰ صِـرَاطِ اللهِ، وَعَلَى الدِّينِ الحَقِّ، وَعَلَى السُّنَّةِ؛ يَلْقَىٰ عَنَتًا مِنَ النَّاسِ، وَيَلْقَىٰ لَوْمًا وَعِتَابًا، وَرُبَّمَا يَصِلُ ذَلِكَ إِلَىٰ حَـدِّ التَّعْـذِيبِ وَالقَتْلِ وَالتَّشْرِيدِ، وَلَكِنَّهُ مَا دَامَ عَلَى الحَقِّ فَلَا يَضِيرُهُ كَيْدُ الكَائِدِينَ، وَإِنْ أُصِيبَ فِي دُنْيَاهُ، فَـإِنَّ العَاقِبَةَ لَـهُ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.....

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ عَـقِـيـدَةُ أَهْـلِ الـسُّـنَّـةِ وَالـجَـمَـاعَــةِ:

عَـقِـيـدَةُ أَهْـلِ الـسُّـنَّـةِ وَالـجَـمَـاعَــةِ:  الإِيمَانُ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَالإِيمَانُ بِالـقَـدَرِ خَيْرِهِ وَشَـرِّهِ.

☜ وَهَــذِهِ الأُصُـولُ خَـالَـفَ فِيهَا مَنْ خَـالَـفَ، وَانْحَـرَفَ عَنْهَا مَنِ انْحَـرَفَ مِنَ الفِرَقِ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ، وَلَكِنَّ أَهْـلَ الحَقِّ ثَابِتُونَ عَلَى الحَقِّ، مَعَ مَا يُجَابَهُونَ مِنَ الِامْتِحَانِ وَالضَّغْطِ المُوَجَّهَيْنَ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى الحَقِّ وَلَا يُرِيدُونَ لِلْحَقِّ بَدِيلًا.

▪️مَعْنَى الإِيمَانِ بِاللهِ:

فَالإِيمَانُ بِاللهِ يَعْنِي: الِاعْتِقَاد الجَازِم بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالأُلُوهِيَّةِ، وَمَالَـهُ مِنَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهَـذَا يَعْنِي: أَنَّ أَنْوَاعَ التَّوْحِيدِ ثَـلَاثَـةٌ:

تَـوْحِـيـدُ الـرُّبُـوبِـيَّـةِ.

تَـوْحِـيـدُ الأُلُـوهِــيَّـةِ.

تَـوْحِـيـدُ الأَسْـمَـاءِ وَالصِّـفَـاتِ.

← النَّوْعُ الأَوَّلُ: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ:

وَهُـوَ مَـرْكُـوزٌ فِي الفِطَرِ، لَا يَكَادُ يُنَازِعُ فِيهِ مِنَ الخَلْقِ، حَتَّىٰ إِبْلِيسَ الَّـذِي هُـوَ رَأْسُ الكُفْرِ، قَالَ:﴿رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی﴾ وقَالَ:﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ﴾ فَهُوَ قَدْ أَقَـرَّ بِرُبُوبِيَّةِ اللهِ، وَحَلَفَ بِعِزَّةِ اللهِ.

↫ كَذَلِكَ سَائِرُ الكَفَرَةِ مُقِرُّونَ بِهَذَا؛ كَأَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَخِلَافِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الكُفْرِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَىٰ مَاهُمْ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ وَالضَّلَالِ، قَـالَ جَـلَّ وَعَـلَا:﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَیَقُولُنَّ ٱللهُۖ﴾ وَقَالَ تَعَالَىٰ:﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ۝ سَیَقُولُونَ لِلهِۚ﴾ وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ:﴿قُلۡ مَنۢ بِیَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَیۡءࣲ وَهُوَ یُجِیرُ وَلَا یُجَارُ عَلَیۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ۝ سَیَقُولُونَ لِلهِۚ﴾ . 

۞ وَقَالَ تَعَالَىٰ:﴿قُلۡ مَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن یَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَمَن یُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَیُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّ وَمَن یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَیَقُولُونَ ٱللهُۚ﴾ *إِذَنْ فَهُمْ مُقِرُّونَ بِهَذَا كُلِّهِ، وَعِنْدَ الشَّدَائِدِ يُخْلِصُونَ الدُّعَاءَ لِلهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يُنْجِي مِنَ الشَّدَائِدِ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ،...-

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ إِذَنْ فَهُمْ مُقِرُّونَ بِهَذَا كُلِّهِ، وَعِنْدَ الشَّدَائِدِ يُخْلِصُونَ الدُّعَاءَ لِلهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يُنْجِي مِنَ الشَّدَائِدِ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، وَأَنَّ آلِهَتَهُمْ وَأَصْنَامَهُمْ لَا تَقْدِرُ عَلَىٰ إِنْجَائِهِمْ مِنَ المَهَالِكِ، قَالَ اللهُ تَعَالَىٰ:﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِی ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّاۤ إِیَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ كَفُورًا﴾.

↫ إِنَّ مُعْتَنِقَ هَـذَا النَّوْعَ مِنَ التَّوْحِيدِ لَا يَدْخُلُ فِي الإِسْلَامِ وَلَا يَنْجُو مِنَ النَّارِ، فَالكُفَّارُ عَلَىٰ سَبِيلِ المِثَالِ أَقَـرُّوا بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَكِنَّ إِقْـرَارَهُمْ بِذَلِكَ لَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي الإِسْلَامِ، وَسَمَّاهُمُ اللهُ مُشْرِكِينَ وَكُفَّارًا، وَحَكَمَ لَهُمْ بِالخُلُودِ فِي النَّارِ مَـعَ أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.

☜ وَمِنْ هُنَا يُخْطِئُ بَعْضُ المُصَنِّفِينَ فِي العَقَائِدِ - عَلَىٰ طَرِيقَةِ أَهْـلِ الكَلَامِ - حِينَ يُفَسِّرُونَ التَّوْحِيدَ بِأَنَّهُ: الإِقْـرَار بِـوُجُـودِ اللهِ، وَأَنَّهُ الخَالِقُ الرَّازِقُ، إِلَىٰ غَيْرِ ذَلِكَ، فَنَقُولُ لَهُمْ: هَــذِهِ لَيْسَتِ العَقِيدَة الَّتِي بَعَثَ اللهُ بِهَا النَّبِيِّينَ، فَـإِنَّ الكُفَّارَ وَالمُشْرِكِينَ وَحَتَّىٰ إِبْلِيسَ؛ يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ.

⇚ فَالـكُـلُّ يُـقِـرُّ وَيَـعْـتَـرِفُ بِـهَـذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوْحِيدِ، فَـإِنَّ الـرُّسُـلَ مَا جَـاءَتْ تُطَالِبُ النَّاسَ بِأَنْ يُـقِــرُّوا بِـأَنَّ اللهَ هُـوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيتُ؛ لِأَنَ هَـذَا لَا يَكْفِي وَلَا يُغْنِي مِنْ عَــذَابِ اللهِ.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك والحمدلله رب

أحدث أقدم

نموذج الاتصال