كتاب الطهارة :
الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
باب أنواع المياه
فصل وتحصيل الطهارة من التغير بشيء سلما
إذا بنجس طرحا أو طاهر لعادة قد صلحا
إلا أذا لازمه في الغالب كمغرة فمطلق كالذائب
النوع الأول-إناء الماء المطلق :
قوله (:فصل وتحصل ....إلى قوله كالذائب)
:أخبر أن الطهارة تحصل بالماء الذي سلم من أن يتغير احد أوصاف لونه أو طعمه أو ريحه)
بشيء من الأشياء أعني النجسة أو الطاهرة ولذالك نكر شيئا
وشمل قوله الطهارة طهرت الخبث وهي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان فلا يزول حكم النجاسة على المشهور عن شيىء مما ذكر إلا بالماء المطلق وأما عين النجاسة فتزول بالمطلق وغيره.
وشمل أيضا طهارة الحدث ،وهي: الوضوء والغسل ،لأن الحدث هو المنع المرتب على الأعضاء كلها وهو الحدث الأكبر الموجب للغسل ،أو على بعضها وهو الحدث الأصغر الموجب للوضوء فلايرتفع الحدث في الوجهين إلا بالمطلق اتفاقا هذا هو حكم الماء الذي لم يتغير بشيء من الأشياء
النوع الثاني :الماء المتغير
١المتغير بنجس (الماء المتنجس )
فإن تغير الماء بشيء من الأشياء ففيه تفصيل أشار له بقوله: (إذا تغير بنجس
البيت وحاصله ان الماء إذا تغير اوصافه أو احداهما فأما أن يتغير بطاهر كاملين والزيت أو بنجس كالبول والخمر
فإن تغير بنحس فإنه يطرح لنجاسته فلا يستعمل في العبادات ( من الوضوء أو غسل أو إزالة النجاسة عن ثوب أو بدان ا مكان )
ولا في العادات من شرب أو طعام لأن حكمه حكم مغيره ، ومغيره نجس فهو كذالك نجس أيضًا
٢[المتغير بطاهر (الماء الطاهر غير الطهور )]:
وإن تغير بطاهر فإنه يصلح للعادات دون العبادات
٣[لتغير غير المؤثر في الطهورية]:
ثم استثنى من التغير بطاهر ماتغير بما يلازمه ولاينفك عنه غالبا كالمتغير بالمغرة والزرنيخ إذا كان الماء يجري عليهما وحكم عليه بأنه مطلق فيستعمل في العبادات والعبادات معا ، والمطلقات هو الباقي على أصل خلقته بحيث لم يخالط شيء ، ويقال له طهور وإلى هذا ذهب الناظم حيث حكم على المتغير بالمغرة ونحوها بأنه مطلق ، وكذالك المتغير بالطحلب بضم الطاء وسكون الحاء وضم اللام وفتحها .وهو خضرة تعلو الماء لطول مكثه وكذالك المتغير بالمكث(وهو طول الإقامة )وإنما لم يضر تغيرها بذالك لمشقة الاحتراز من المغير المذكور .قاله في التوضيح .
وقوله :كالذائب )تشبيه الإفادة الحكم. ، ومعناه أن الماء إذا ذاب بعد أن كان جامد فهو مطلق أيضا وذالك كالثلج والبرد والجليد وسواء ذاب بموضعه أو بغيره ويدخل في ذالك الملح الذائب بعد جمدوه لكن بموضعه
ولفظ نجس في البيت الثاني بسكون للوزن. والذائب آخرالبيت الثالث بالذال المعجمة.
تنبيهات
وقد ذكرنا هنا في الأصل عشر تنبيهات
الأول :هل الماء المطلق والطهور مترادفان ؟ وهو ظاهر الكلام القاضي عبد الوهاب ، وهو ظاهر النظم أو الطهور أعم من المطلق ؟ وهو ظاهر صنيع ابن الحاجب ، وعلبه فكل مطلق طهور وليس كل طهور مطلقا لأن الذي لم يتغير بما لاينفك عنه غالبا كالزرنيخ والمغرة طهور وليس بمطلق لأن المطلق على هذا القول مالم يخالطه شيء أصلا. وهذا خالطه غيره
الثاني : في تقسيم ابن الحاجب المياه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المطلق وهو الذي لم يخالطه شيء، ويلحق به في الحكم المخالط بما لاينفك عنه غالبا
القسم الثاني : ما خولط بما ينفك عنه غالبا ولم يتغير ، وفيه تفصيل بين الماء الكثير والقليل وبين أن يكون المخالط الذي لن يغيره طاهرا أو نجسا.
القسم الثالث : ماخولط بما ينفك عنه غالبا وتغير .
التنبيه الثالث : في بيان طهارة الحدث والخبث وما تحصلان به من المطلق أو غيره
الرابع : في تقييد قول الناظم :(وتحصل الطهارة )إلى آخره بيغر الاستنجاء فيكي في رفع حكم الخبث ازالة النجاسة بالأحجار ونحوها ، ولو مع وجود الماء .
الخامس: في شمول قول الناظم بما سلم من التغير تغير اللون والطعم والريح ، وما في الريح من الخلاف.
السادس : في بيان الطهارات من الأشياء والنجسة منها ، لما تقدم من التفصيل بين أن يتغير الماء بطاهر أو نجس ، فاحتاج لأجل ذالك إلى معرفة الطاهر من النجس ، وانجز الكلام من د ذالك لبيان ما يؤكل من الحيونات وما لايؤكل، حيث عدوا من الطاهرات ماذكي وجزأه إلا محرم الأكل(اي فلا تهمل الذكاة )
السابع : في حكم إزالة النجاسة وصفة زوالها ، مع كونها محققة أو مشكوكا فيها
الثامن: فيما يعفى عنه من النجاسات لعسر الاحتراز عنه .
التاسع : في ذكر فروع بعضها يتعلق بالمياه ، وبعضها بالنجس والطاهر ، وبعض بإزالة النجاسة.
العاشر: في ذكر نظائر جرت عادة الشيوخ بذكرها هنا فيقولون ثمانية مسائل هي من باب إزالة النجاسة ويكفي فيها المسح عن الغسل وثمانية اثواب لايطلب غسلها إلا مع التفاحش ، فإن تعلق غرض بشيء من ذالك فراجعه في الشرح الكبير .
[الوضوء ]
[فرائض الوضوء ]:
فصل فرائض الوضوء سبعة وهي .....دلك وفور نية في بدئه
ولينو رفع حدث أو مفترض .....أو استباحة لممنوع عرض
وغسل وجه غسله اليدين ....ومسح رأس غسله الرجلين
والفرض عم مجمع الأذنين ....والمرفقين عم والكعبين
خلل أصابع اليدين وشعر.....وجه إذا الجلد من تحته ظهر
الشرح :
قوله : ( فصل فرائض الوضوء...الى قوله : ظهر ) لم فرغ من الكلام على الماء الذي تكون به الطهارة ، شرع في بيان أحكام الطهارة ، وبدأ بالصغرى لأنها المتكررة كثيرا ، فأخبر أن الفرائض الوضوء سبع:
اولها -الدلك : قال في التوضيح : ( وفي الدلك ثلاثة أقوال ) :المشهور الواجب، والثاني لابن عبد الحكيم نفي وجوبه.والثالث أنه واجب لا لنفسه بل لتحقق إيصال الماء فإذا تحقق اتصاله لطول مكثه أجزاه ) انتهى .
ولايجوز له التوكيل على الدلك إلا مع العجز عنه ، ويتدلك مع صب الماء أو بعده على المشهور
ثانيا -الفور :(ويعتبر عنه بالموالاة)ابن بشير :الموالاة :أن يفعل الوضوء كله في فور واحد من غير تفريق )ابن الحاجب:(والتفريق اليسر مغتفر )،يريد ولو عمدا ، والمشهور انه إنما يجب مع الذكر والقدرة ،فإن فرق وضوء ه عامدا مختارا ابتدأ وضوءه، وإن فرقه ناسيا بنى على مافعل منه بنية طال أو قرب ، وإن فرقه عاجزا بنى مالم يطل . والمشهور أن الطول معتبر بجفاف الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل.
ثالثا-النية :والكلام فيها اتباعا للنظام من ثلاثة أوجه:
-الوجه الأول: أنها من فرائض الوضوء لقوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) وقوله صلى الله عليه وسلم((إنما الأعمال بالنيات ))وروي عن مالك عدم وجوبها .
-الوجه الثاني: أن محلها في ابتداء الوضوء، كما نبه عليه بقوله :((في بدئه))، والمشهور أن محلها عند غسل الوجه ، إذ هو أول الفرائض، وقيل عند غسل اليدين أولا. خليل: (والظاهر هو قول الثاني).وجمع بعضهم بين القولين فقال :يبدأ بالنية أول الفعل ويستصحبها إلى أول المفروض.
-الوجه الثالث:في المعنوي منها :وإليه أشار بقوله: ((ولينو رفع حدث)) البيت ،فذكر أنه ينوي أحد ثلاثة أشياء :إما رف الحدث(أي عن الأعضاء )، والحدث: المنع المترتب على الأعضاء كما مر.
وأما أذاء الوضوء الذي هو فرض عليه فيخرج منه الوضوء للتجديد،ويدخل فيه الوضوء للنوافل لأنه فرض لها كالفريضة، وكذا الوضوء قبل دخول الوقت ، لأنه فرض في الجملة، وإن لم بجب في ذالك الوقت بخصوصه.
وأما استباحة ماكان ممنوعا عنه ، كالصلاة والطواف ومس المصحف ونحو ذالك ، فأيها نوى كفاه . وقوله: ()أو مفترض ()معطوف على (رفع)على حذف مضاف، أي أداء مفترض، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة .و ((استباحة))عطف على ((رفع))أيضا. وفاعل ((عرض))يعود على المنع المفهوم من ((ممنوع ))وجملة عرض منعه صفة لممنوع.
وقد ذكرنا هنا في الشرح الكبير فائدة في بيان حكمة وجوب النية فيما تجب فيه ، وفي ضابط ماتجب فيه النية مما لاتجب فيه من الأفعال، وفي بيان معنى التعبد المفتقر للنية ومعقول المعنى الذي لايفتقر لها. وذكرنا أيضا أحد عشر فرعا جلها مما يتعلق بالنية .
رابع الفرائض-غسل الوجه وحده :طولا من منابت الشعر المعتاد إلى منتهى الذقن ، فيدخل موضع الغمم ولايدخل الصلع، وحده عرضا من الأذن إلى الأذن، وإلى حده عرضا أشار بقوله((والفرض عم مجمع الأذنين )).
ويجب تخليل شعر الوجه دون كثيفه في اللحية وغيرها حتى الهدب ، وعل. ذالك نبه بقوله ((وشعر وجه إذا من تحته الجلد ظهرا ))، وفهم منه أنه لايجب تخليل كثيفه، وهو لايظهر الجلد م تحته ، وهو كذالك في الوضوء.
خامسا-غسل اليدين: اتفاقا، مع المرفقين على المشهور ، وعلى دخول المرفقين في الغسل نبه بقوله :((والمرفقين عم ))وقيل لايجب غسل المرفقين ، ويجب على المشهور تخليل أصابع اليدين في الوضوء، كما نبه عليه بقوله :((خلل أصابع اليدين )).والأصل في الأمر إذا أطلق الوجوب ، وأيضًا لو أراد الاستحباب ماخص أصابع اليدين، وقيل : باستحبابه .
سادسها - مسح الرأس: فيجب مسح جميعه على الرجل والمرأة، ويمسحان ماطال من شعرهما ، ولايمسح على حناء ولاغيرها مما يحول بين المسح والشعر ، ومبدأ الرأس من مبدأ الوجه، وآخره ما تحوزه الجمجمة ، وقيل آخره منبت القفا المعتاد ، فإن مسح لم يجزئه على المنصوص. ابن مسلمة: يجزئ الثلثان. وقال أبو الفرج : الثلث . وقال اشهب : يجزئ مسح الناصية .
سابعا - غسل الرجلين : اتفاقا مع الكعبين على المشهور ، وعلى دخول الكعبين في الغسل نبه بقوله ((والمرفقين عم والكعبين )).وقيل لايجب غسل الكعبين، والخلاف في ذالك كالخلاف في غسل المرفقين ، ويستحب تخليل أصابع الرجلين على المشهور، وقيل يجب
Tags
الفقه