عقيدة أهل السنة والجماعة

 ✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ 


الـرَّحْمَـٰنُ:  عقيدة أهل السنة والجماعة

↫ وَالإِيمَانُ بِالقَدَرِ يَتَضَمَّنُ أَربَـع دَرَجَـاتٍ:

◄ الدَّرَجَةُ الأُولَىٰ: الإِيمَانُ بأَنَّ اللهَ عَلِمَ مَا كَانَ، وَمَا سَيَكُونُ، لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ، مِنَ الغُيُوب المَاضِيَةِ وَالمُسْتَقْبَلِيَّةِ، كُلُّهُ فِي عِلْمِ اللهِ عَـزَّ وَجَـلَّ سَــوَاءٌ.

◄ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: الإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ كَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، الَّـذِي كَتَبَ فِيهِ مَقَادِيرَ كُـلِّ شَيْءٍ، كَمَا فِي الحَدِيثِ:«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ: اكْتُبْ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ» [ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ: ٢١٥٥، وأبُو دَاوُدَ: ٤٧٠٠ ].

☜ فَنُؤْمِنُ بِأَنَّ كُـلَّ مَا يَجْرِي، وَكُـلَّ مَا يَقَعُ، أَنَّ اللهَ عَلِمَهُ، وَأَنَّ اللهَ كَتَبَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَىٰ:﴿مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَاۤۚ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ عَلَى ٱللهِ یَسِیرࣱ﴾، فَكُلُّ شَيْءٍ مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، لَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُ شَيْءٌ، مَقَادِيرُ الخَلْقِ وَكِتَابَةُ الـقَـدَرِ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ سَابِقَة لِخَلْقِ السَّمَـٰواتِ وَالأَرضِ بِخَمْسِينَ أَلْـفَ سَـنَـة، كَمَا فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: ٢٦٥٣ ] فَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَهُـوَ مُسَجَّـلٌ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِیظُۢ﴾.

◄ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِمَشِيئَةِ اللهِ الشَّامِلَةِ وَإِرَادَتِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا بِالإِرَادَةِ الكَوْنِيَّةِ وَشَاءَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الكَوْنِ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، وَمَشِيئَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ.

◄ الدَّرَجَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ الأَخِيرَةُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِأَنَّ كُـلَّ شَيْءٍ هُـوَ مَخْلُوقٌ لِلهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ:﴿ٱللهُ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ وَكِیلࣱ﴾ كُـلُّ مَا فِي الكَوْنِ، مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ هُوَ مِنْ خَلْقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ وَإِيجَادِهِ،.....

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ كُـلُّ مَا فِي الكَوْنِ، مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ هُوَ مِنْ خَلْقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ وَإِيجَادِهِ، لَا أَحَدَ يُوجِدُ فِي الكَوْنِ شَيْئًا، وَلَا أَحَدَ يَخْلُقُ شَيْئًا فِي هَذَا الكَوْنِ مِنْ دُونِ اللهِ.

◄ إِرَادَةُ الإِنْسَانِ لَا تَخْرُجُ عَنْ إِرَادَةِ اللهِ عَـزَّ وَجَـلَّ:

وَهَـذَا لَا يَمْنَـعُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ إِرَادَة وَمَشِيئَة، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ اخْتِيَارٌ وَفِعْلٌ، وَقُدْرَةٌ بِهَا يَقْدِرُ عَلَى الفِعْلِ وَالتَّركِ، وَبِهَا يَقْدِرُ عَلَى اخْتِيَارِ الضَّارِّ مِنَ النَّافِعِ.

☜ فَالإِنْسَانُ يَفْعَلُ بِإِرَادَتِهِ الخَيْرَ وَالحَسَنَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَبِإِرَادَتِهِ يَتْركُ الطَّاعَاتِ وَالوَاجِبَاتِ، وَبِهَا يَفْعَلُ المَعَاصِيَ وَالشُّرُورَ وَالمُخَالَفَاتِ، وَهُوَ يُحَاسَبُ عَلَىٰ إِرَادَتِهِ وَعَلَىٰ فِعْلِهِ، وَلَكِنَّ إِرَادَتَهُ وَمَشِيئَتَهُ لَا تَخْرُجُ عَنْ مَشِيئَةِ اللهِ عَـزَّ وَجَـلَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ فَأَثْبَتَ لِلْعَبْدِ مَشِيئَةً، لَكِنَّهُ رَبَطَهَا بِمَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، قَالَ:«جَعَلْتَنِي لِلهِ عَـدْلًا، قُـلْ: مَـا شَـاءَ اللهُ ثُـمَّ شِئْتَ» أَوْ «قُـلْ: مَـا شَـاءَ اللهُ وَحْــدَهُ» [ رَوَاهُ أَحْمَدُ: ١\٢٨٣ ].

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ تَفْسِيـرُ بَعْـضِ الـطَّـوَائِـفِ لِمَعْنَـى الــقَـــدَرِ:

انْحَرَفَ فِي تَفْسِيرِ بَـابِ الـقَــدَرِ طَوَائِفُ عِــدَّةٍ، مِنْهَـا:

← الطَّائِفَةُ الأُولَىٰ: الجَهْمِيَّةُ الجَبْرِيَّة:

فَقَالُوا: إِنَّ العَبْدَ مَجْبُورٌ عَلَىٰ فِعْلِهِ، لَا اخْتِيَارَ لَـهُ، وَلَا قُـدْرَةَ، وَلَا إِرَادَةَ، العَبْدُ مِثْل: الرِّيشَةِ فِي الهَوَاءِ، وَمِثْل: وَرَقَةِ الشَّجَرَةِ، تُحَرِّكُهَا الرِّيَاحُ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْهَا، وَلَا اخْتِيَارٍ، هَـذَا مَا تَقُولُـهُ الجَبْرِيَّةُ مِنَ الجَهْمِيَّةِ.

← وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: عَلَى النَّقِيضِ وَهُمُ المُعْتَزِلَـةُ:

قَالُوا: إِنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لِلهِ تَـدْبِـيـرٌ، وَلَا إِرَادَةٌ بِفِعْلِ العَبْدِ، وَإِنَّمَا العَبْدُ هُـوَ الَّـذِي يَفْعَلُ الشَّيْءَ بِاخْتِيَارِهِ وَقُدْرَتِهِ اسْتِـقْـلَالًا، لَا ارْتِبَاطَ لَـهُ بِمَشِيئَةِ اللهِ، حَتَّىٰ غَـلَا بَعْضُهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ الأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا، وَإِنَّمَا العَبْدُ هُـوَ الَّـذِي يَسْتَأْنِفُهَا، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: الأَمْـرُ أُنُـفٌ، وَهَــؤُلَاءِ غُــلَاةُ المُعْتَزِلَـةِ، وَيُسَمّـونَ: بِـالــقَــدَرِيَّـةِ الـنُّـفَــاةِ.

←  الطَّائِفَةُ الأُولَىٰ: تُسَمَّىٰ بِالجَبْرِيَّةِ، وَهَــؤُلَاءِ: بِالقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ.

الطَّائِفَةُ الأُولَىٰ: أَثْبَتُوا الـقَــدَرَ وَغَلَـوْا فِيـهِ، وَسَلَبُـوا الـعَـبْـدَ إِرَادَتَـهُ، وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: وَهُمُ المُعْتَزِلَـةُ عَلَى النَّقِيضِ، غَلَوْا فِي مَشِيئَةِ العَبْدِ وَإِثْبَاتِ مَشِيئَةِ العَبْدِ، حَتَّىٰ أَلْـغَـوْا مَشِيئَةَ اللهِ وَإِرَادَتَـهُ.

وَكِـلَا الطَّرَفَيْنِ ضَالٌّ وَمُخْطِئٌ خَطَأً عَظِيمًا.

❐ تَوَسُّطُ أَهْـلِ السُّـنَّــةِ 

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ تَوَسُّطُ أَهْـلِ السُّـنَّــةِ وَالـجَـمَـاعَــةِ:

تَوَسَّطَ أَهْـلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، فَأَثْبَتُوا لِلْعَبْدِ قُـدْرَةً وَاخْتِيَارًا وَإِرَادَةً، وَلَكِنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَشِيئَةِ اللهِ - جَـلَّ وَعَـلَا - وَقُـدْرَتِـهِ وَإِرَادَتِـهِ، وَأَنَّ أَحَـدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْـعَـلَ شَيْئًا إِلَّا بِـإِرَادَةِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ.

◉ الــقَــدَرِيَّــةُ يَسْتَحِقُّونَ المَقْـتَ وَالــذَّمَّ:

وَالـقَـدَرِيَّـةُ يُقَالُ: إِنَّهُمْ مَجُوسُ هَـذِهِ الأُمَّةِ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا خَالِقَيْنِ مَـعَ اللهِ، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ كُـلَّ إِنْسَانٍ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ اسْتِقْـلَالًا، وَبِذَلِكَ ضَلُّوا، وَبِذَلِكَ اسْتَحَقُّوا المَقْتَ وَالـذَّمَّ مِنْ أَهْـلِ الحَقِّ؛ لِأَنَّهُمْ خَلَطُوا فِي هَـذَا الأَصْـلِ العَـظِيمِ وَهُـوَ الإِيمَانُ بِالـقَـدَرِ.

➢ الإِيمَانُ بِالقَدَرِ مِنْ أُصُـولِ الإِيمَانِ:

وَالإِيمَانُ بِالـقَــدَرِ هُوَ مِنْ أُصُـولِ الإِيمَانِ، كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، فقَالَ:«أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» [ البخاري: ١\١٨، ومسلم: ٨، واللَّفْظُ لَهُ ].

۞ وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَىٰ:﴿إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَرࣲ﴾ وَكَمَا فِي الحَدِيثِ:«احْرِصْ عَلَىٰ مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: ٢٤٦٤ ].

✑ وَالأَحَادِيثُ وَالنُّصُوصُ فِي هَـذَا كَثِيرَةٌ، وَهَـذَا أَصْـلٌ مَـعْـرُوفٌ، وَالحَقُّ فِيهِ - وَالحَمْدُ لِلهِ - وَاضِـحٌ، وَعَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِيهِ وَاضِحَةٌ، وَمَبْنِيَّةٌ عَلَىٰ مَا جَاءَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا مَنِ انْحَرَفَ عَنْ هَـذَا الأَصْـلِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَمِنْ قِبَلِ هَــوَاهُ، وَإِعْـرَاضِهِ عَنِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

☜ وَهَـكَـذَا كُـلُّ مَنْ حَـاوَلَ الخُرُوجَ عَنْ دَلَالَـةِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَـإِنَّـهُ يَـقَـعُ فِي الـضَّـلَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ﴾.

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

❍ فِــي الــخِــتَـــامِ:

هَــذَا مُجْمَلٌ فِي عَقِيدَةِ السَّلَفِ، وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، وَرَزَقَنَا التَّمَسُّكَ بِالحَقِّ وَالصَّبْرَ عَلَيْهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ إِلَىٰ يَوْمِ أَنْ نَلْقَاهُ.

➢ فَالمُتَمَسِّكُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يَكُونُ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ، وَعَلَىٰ هُـدَى، وَيَكُونُ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا وَثَابِتًا؛ لِأَنَّهُ عَـاشَ عَلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَـاشَ عَلَىٰ دَلِيلٍ وَاضِحٍ؛ مُقْتَفِيًا لِلرَّسُولِ ﷺ وَصَحَابَتِهِ، فَهُوَ عَلَىٰ طُمَأْنِينَةٍ، وَعَلَىٰ ثَبَاتٍ فِي أَمْـرِ دِينِهِ، وَيُصِيبُهُ مِنَ الخَيْرَاتِ، وَالتَّثَبِيتِ وَالمَزَايَا العَـظِيمَةِ مَا لَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ مِنَ المُنْحَرِفِينَ، الَّذِينَ هُمْ فِي هَمٍّ دَائِمٍ، وَقَلَقٍ مُقِيمٍ، مَعَهُمْ أَيْنَمَا ذَهَبُوا وَأَيْنَمَا حَلُّوا.

▫️ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، فَهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى الحَقِّ لَا يَتَزَعْـزَعُـونَ، وَلَا يَتَزَحْـزَحُـونَ، وَلَا يَحْدُثُ عِنْدَهُمْ أَهْـوَاءٌ وَأَرَاءٌ وَاخْتِـلَافَات؛ لِأَنَّ مَنْهَجَهُمْ وَاحِـدٌ، وَطَرِيقَتَهُمْ وَاحِـدَةٌ، وَدَلِيلَهُمْ وَاحِـدٌ.

☜ وَالمُتَمَسِّكُـونَ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، قَدْ أَعَـدَّ اللهُ لَهُمْ مِنَ الكَرَامَةِ وَالجَنَّةِ وَالخُلُودِ فِي النَّعِيمِ المُقِيمِ الَّـذِي لَا يَفْنَىٰ وَلَا يَـزُولُ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ﴾.

✑ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:«تَكَفَّلَ اللهُ لِمَنْ قَـرَأَ الـقُـرآنَ وَعَـمِـلَ بِمَا فِيهِ، أَلَّا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَىٰ 

✾ وَصَلْنَا إِلَىٰ قَوْلِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ الـرَّحْمَـٰنُ:

۞ وَقَالَ تَعَالَىٰ:﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤئِـكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ لَهُمُ الأَمْنُ فِي الآخِرَةِ مِنَ العَذَابِ، وَلَهُمُ الهِدَايَةُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الضَّلَالِ، فَهُمْ فِي الدُّنْيَا مُهْتَدُونَ، غَيْر ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، وَفِي الآخِرَةِ يَحْصُلُ لَهُمُ الأَمْنُ، يَوْمَ يَخَافُ النَّاسُ، وَيَوْمَ يَفْزَعُ النَّاسُ، وَيَوْمَ تَتَقَطَّعُ القُلُوبُ مِنَ الفَزَعِ، فَـإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَأَهْلَ الحَقِّ فِي أَمَانٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿لَا یَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّـٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤئِـكَـةُ هَـٰذَا یَوۡمُكُمُ ٱلَّذِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ﴾ ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤئِـكَـةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ۝ نَحۡنُ أَوۡلِیَاۤؤُكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَشۡتَهِیۤ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَدَّعُونَ۝ نُزُلࣰا مِّنۡ غَفُورࣲ رَّحِیمࣲ﴾ هَـذِهِ مَآثِرُ العَقِيدَةِ السَّلِيمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَىٰ:﴿مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ وَلَنَجۡزِیَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾.

☜ هَــذِهِ ضَمَانَاتٌ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ لِأَهْـلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ وَأَهْـلِ الحَقِّ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَىٰ خَيْرٍ فِي العَاجِلِ وَالآجِلِ.

جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُرِيَنَا الحَقَّ حَقًّا وَيَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ، وَيُرِيَنَا البَاطِلَ بَاطِلًا وَيَرْزُقَنَا اجْتِنَابَهُ.

أَقُولُ قَوْلِي هَــذَا، وَأَسْتَـغْـفِـرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَىٰ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَىٰ آلِـهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. 

انْتَهَىٰ.

وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَجَعَلَهَا اللهُ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَىٰ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِـهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

أحدث أقدم

نموذج الاتصال