أحكام الحج

 *الإحرام، والتلبية:*

قال شيخنا العلامة الفقيه عبدالرحمن العدني رحمه الله:

*"متى يُشرع للإنسان أن يُحرم: ينوي الدخول في النَّسك؟ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يكون إذا ركب دابته وتوجه بها إلى القبلة؛ فيُشرع له حينئذ أن يُلبِّي، أن يتلفظ بما عزم عليه، يقول: «لبيك اللهم عمرة» إذا كان عازماً على عمرةٍ مفردة، أو يقول: «لبيك اللهم حجاً» إذا كان عازماً على حجٍ مفرد، أو يقول: «لبيك اللهم عمرةً وحجاً» إذا كان نسكه القِران، أو إذا كان نسكه التمتع يقول: «لبيك اللهم بعمرةٍ متمتعاً بها إلى حج».*

*الإحرام: وهو نية الدخول في النُّسك، هذا ركن، أما التلفظ به هذا ليس بركن، مجرَّد التلفظ: لبيك اللهم عمرة، هذا مشروع ليس بركن. فمتى يُشرع أن يتلفظ بهذا اللفظ؛ ليدخل في النسك، ليدخل في الإحرام؟ اختلف العلماء والراجح أنه يكون إذا استوت به دابته، في الزمن الماضي على تلك الدواب: من بغال أو إبل أو حمير أو خيل، واليوم في هذه السيارات إذا ركب السيارة، ويُشرع له أن يتوجَّه بها إلى القبلة قبل أن يقول: لبيك اللهم بعمرة؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث ابن عمر: أنه لما استوت به ناقته استقبل القبلة ثم أهلَّ، فمن كان عنده سيارة لا يقول: لبيك اللهم بعمرة وهو لا زال في الحمامات بعد التروش، أو: لبيك اللهم بعمرة أو بحج، وهو لا يزال في المسجد، هذا كله جائز، لكن لو أراد السنة فيؤخِّر إلى أن يركب، وإذا أمكن يتوجه بالسيارة إلى جهة القبلة فإذا بدأت السيارة على الدفع يقول: لبيك اللهم بعمرة، أو بحج، أو بحج وعمرة، إلى آخره؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم".*

*"الإهلال: رفع الصوت، «أهلَّ بالتوحيد»: يعني: أهلَّ بالتلبية؛ لأن التلبية كلها توحيد، «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، «أهلَّ بالتوحيد» يعني: رفع صوته وقال هذه العبارة، ففيه مشروعية رفع الصوت بالتليية، وفي حديث خلاد بن السائب قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل أتاتي فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، هذا في السنن، وفي حديث أبي سعيد عند مسلم: أن الصحابة كانوا يصرخون بها صراخاً».*

*"الصحابة بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهدوا لأنفسهم، كانوا يأتون ببعض الإهلالات فيسمعها النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكرها، لكن الأفضل أن يقتصر على إهلال وتلبية النبي صلى الله عليه وسلم".*

*"ومن كبَّر لا بأس؛ كما في حديث أنس في الصحيح: «منَّا الملبِّي ومنَّا المكبِّر» ويسبح ويحمد الله ويكبره كما في حديث أنس".* 

(شرح منهج السالكين، كتاب الحج،

*مشروعية الاغتسال لدخول مكة، وصفة الطواف، وركعتا الطواف، والشرب والتضلُّع من ماء زمزم:*

قال شيخنا العلامة الفقيه عبدالرحمن العدني رحمه الله:

*"يُشرع لمن دخل مكة أن يغتسل؛ كما كان ابن عمر يغتسل، يبيت بذي طُوى ثم يصبح ويغتسل ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن اليوم لسهولة المواصلات أنت اليوم -مثلاً- تغتسل في يلملم -ميقات أهل اليمن، ماهي إلا ساعة ونصف ووصلت إلى الحرم، فإذا كان هناك مجال أنك تغتسل لدخول مكة في المواقف مواقف كُدي، مثلاً: تصل إلى المواقف تدخل الحمامات وتغتسل اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا جيِّد، وإلا فالعهد قريب بالغسل، خاصة لأهل اليمن، أقرب المواقيت إلى مكة ميقات أهل اليمن ومن كان في جهتهم «يلملم»، المسمَّاه اليوم ب«السعدية».* 

*فإذا أتى البيت فهذا مسجد من المساجد يُشرع أن يقول قبل الدخول الدعاء المشروع، يصلِّي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسلِّم عليه، ويقول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك»، أو يأتي بالدعاء الآخر: «أعوذ بالله العظيم، وبوجه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم».*

*فإذا دخل أول ما يبدأ يستلم الركن، وهو الحجر الأسود؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا يقل شيئاً، إذا دخل هل هناك ذكر مشروع ومأثور إذا رأى الكعبة أو البيت؟ لا، ليس هناك شيء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.*

*يأتي إلى الحجر الأسود إن تمكَّن أن يستلمه، وللاستلام صور: ... يستلمه بيده ويقبله بفمه، أو يستلم يديه ويقبل يديه، أو يستلم بيديه بدون تقبيل، أو يستلم بعصا ويقبل العصا، وإذا لم يستطع -كما هو الحال اليوم لكثرة الزحام حول الحجر- فإنه يشير إليه إشارة، يحاذي الحجر ويشير إليه إشارة، ويقول: «الله أكبر»".*

*"يجعل البيت عن يساره -بعدما يستلم الحجر الأسود- ويطوف، «فطاف سبعاً»: من الحجر إلى الحجر هذه مرة، من الحجر إلى الحجر هذه مرة ثانية، من الحجر إلى الحجر هذه ثالثة".*

*"المشروع في هذا الطواف أنه يضطبع، ما معنى الاضطباع؟ أنه يدخل الرداء تحت إبطه الأيمن، ثم يجمع طرفيه على عاتقه الأيسر، إذن المنكب الأيسر مستور، والمنكب الأيمن مكشوف".*

*"الرَّمَل -هنا[في الحاشية] قال: «الإسراع في المشي مع مقاربة الخُطا»- هذا مشروع في هذا الطواف، أنه يرمل ثلاثاً ويمشي أربعاً إن استطاع".*

*"يرمُل على البيت كاملاً، هذا هو الراجح".*

*"ليحذر الدخول في الحِجْر المسمَّى ب«حِجْر إسماعيل» ولا دليل على هذه التسمية... لا تُحسب طوفة إذا طاف حول البيت ودخل مابين الحجر والبيت؛ لأن مابين الحجر والبيت هذا من البيت".*

*"وليس هناك أذكار مشروعة مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ يشتغل الطائف بتلاوة القرآن، بأنواع الذكر: من التسبيح التحميد التهليل التكبير، وأما حديث: أنه يقول ما بين الركنين: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة» هذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم".*

*"وأيضاً: يُشرع استلام الركن اليماني، ما معنى الاستلام؟ تستلمه بيدك بدون تقبيل ولا تكبير... يستلمه: يعني: يمسُّه بيده.*

*ولا يُشرع استلام شيء من البيت إلا الركنين اليمانيين: الحجر الأسود، والركن اليماني، أما الركنان الشاميان فلا يُشرع استلامهما".*

*"بعدما يكمل سبع طوفات مبتدئاً بالحجر منتهياً إلى الحجر، قال [في حديث جابر الطويل]: «ثم نفَذ» أي: تقدم، «إلى مقام إبراهيم»: وهو في شرق الكعبة ذلكم المقام الذهبي، يقولون: إن إبراهيم عليه السلام قام عليه لما ارتفع البناء، وقف عليه حتى يضع الأحجار في أعلى البيت، والله أعلم... يجعل المقام بينه وبين الكعبة، «وقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: 125]»، يُشرع إذا جعل المقام بينه وبين الكعبة أن يقرأ هذه الآية: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، ويصلِّي ركعتين".*

*"إذا استطاع أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة ويقرب من المقام فهذا هو السُّنَّة، وإن كانت هناك زحمة، وسيتشوش في عبادته وصلاته فليتأخر، ليرجع إلى الخلف، وإن صلى في أي موضع من المسجد الحرام فهذا مجزئ، لكن السنة أن يقرب من المقام ويجعل المقام بينه وبين الكعبة، ويصلي ركعتين، يقرأ بسورة «الكافرون»، و«قل هو الله أحد»".*

*"بعدما يصلي ركعتين يُشرع له أن يذهب إلى زمزم ويشرب ويتضلع من ماء زمزم.*[أي: يكثر من الشرب حتى يتمدَّد جنبه وأضلاعه. يُنظر: النهاية: (٣/ ٩٧)].

*بعدما يشرب يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه إن أمكن، إن لم يمكن فليتوجه إلى الصفا".*

(شرح منهج السالكين، كتاب الحج،)

🔸 الحج آمن ومشاعر الحج آمنة 🔸 

رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها . . . فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ . . . قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً . . . ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ . . . فَلَمَّا اسْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي . . . فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ . . . فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني
والحج آمن بتأمين الله تعالى للحرم. 
قال الله تعالى {فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [آل عمران: 97]. 
وقال سبحانه: {أولم نمكن لهم حرما 
قال الشيخ الدكتور علي بن يحيى الحدادي حفظه الله:
الحجُّ آمِنُ رغماً عن أنوفكمُ *** يا أكذبَ الخلقِ يا شُّذاذَ آفاقِ
الحجُّ منذُ (أبي تركي) لساعتِنا *** ظِلٌّ ظليلٌ وأمنٌ راسخٌ باقي
مَن جاءَ للحجِّ لاقَى ما يُسَّرُ بِهِ *** ومَنْ يَجِئْ لِفسادٍ حَتفَهُ 
والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 
✍🏻
أحدث أقدم

نموذج الاتصال